أقسام المدونة

Wednesday, 12 July 2017

شتات



بقلم "هبة الدعوشى" :

هل مرّ أحدكم بهذه الحالة من قبل ..
حالة من اللا شئ .. اللا شعور .. اللا اهتمام .. اللا رغبة 
حالة من الفراغ الداخلى التام .. وكأن جسدك أجوف بلا روح ..
حالة من الاحتياج لشئ لا تعرفه تحديداً .. ولكنك تشعر بأنه ينقُصك ..
حالة تتشابه فيها حولك كلُ الوجوه .. وتتشابه فيها جميع الكلمات ..
حتى أنك لم تعد قادر على التمييز بين من قال هذا ومن قال ذاك ..
تنسى كثيراً من الأحداث حولك .. لأنك من الأساس لم تكن منتبهاً لها جيداً ولا تعطيها تركيزك ..
رغم انشغالك بهذه الأحداث فعلاً .. إلا إن هذا الانشغال كان مجرد تعايش معها .. وليس عيشاً حقيقياً فيها !
يثقُل عليك الحديث .. الابتسام .. و رغم عبوس وجهك إلا إنه يثقُل عليك أيضاً البكاء !
تلجأ إلى الصمت طويلاً .. والانعزال كثيراً .. تفعل ذلك حتى وأنت مُحاط بالبشر ..
تشعر أنك وإن كنت حاضرٌ بينهم بالقالب .. فالقلب منهم فى سفـــــــــــــــــر ! 
لا تعلم تحديداً هل أنت مصاب أم طبيعى .. وإن كنت مصاب حقاً .. فبأىّ شيءٍ إذن ؟!
تشعر بأن الوحدة تحاصر روحك تدريجياُ من كل جانب  تماماً كصوت الكمان الحزين فى داخل مقطوعةٍ ما موسيقية ينساب بين باقى الآلات الآخرى  .. يتزايد تدريجياً بشكلٍ ملحوظ .. حتى ينفرد فى قلب قاعةٍ هادئة .. لا همس فيها ولا نفس .. فتكون له السيادة وحده .. ويشدو بصوته إلى اللاحدود ليشمل حتى ذرات الهواء المعلقة ..
هكذا تفعل الوحدة تماماً يا صديقى تدخل إلينا تدريجياً ننتبه إليها حيناً ونتناساها بإرادتنا حيناً .. لكننا نعلم يقيناً أن هذا لا ينفى بتاتاً وجودها .. ثم تأتى لحظة تتلاشى فيها باقى الموجودات من حولنا فتملأنا الوحدة .. ونجد أنفسنا عاريين من كل حِيّـلنا .. واقفين فى مواجهة حقيقية أمامها ..
وليس لنا من الأمر حينها إلا أن نصغى لها تماما كما نصغى لصوت الكمان .. ونتركها تسود أكثر فأكثر ..
 نستسلم .. ليس رغبة منا فى ذلك .. وإنما سئم من المقاومة بلا جدوى .. 
فقد لطاقتنا الروحية .. غياب الداعم لنا .. تخاذل البعض فى حياتنا .. عدم الانشغال بعلم أو عمل نحقق به ذاتنا ...... وغيره من السلبيات
تدخل فى حالة من الشتات رغم أنك واحد .. إلّا أن فى نفسك عشرات الأشخاص المختلفة ..
كلً يفكر فى اتجاه .. تفكير مقطوع _لا جذور له_ .. وفى الوقت ذاته مبتور _لا يبلغ تمامه_ !!
تتعلم السهر كثيراً .. ليس رغبةً أيضاً فيه .. بل لأنك غير قادر أن تقف أمام تلك الحرب التى لا تهدأ بداخلك وتقول لها كفى !

إن لم تكن مررت بأىّ من هذا من قبل .. فاحمد الله كثيراً إن الله قد رحمك من هذا الابتلاء ..وإن كنت مررت حقاً به أو بعض منه .. فاعذرنى بأنى ليس لدىّ حلٌ جذرى لهذا ! ولا يوجد ضغطة زر تُنهى كل ذلك !
ولكن ما أعلمه يقينا أن عليك أن تخرج من هذه الحالة رابحاً وليس بخاسر .. ولو بواحد فى المئة ..
عليك تتعلم من هذه المرحلة وتأخذ منها بقدر ما أخذت هى من روحك الكثير ..
اقرأ عن شئٍ يشبهك ..
اكتب عن أفكارك المشتته ..
اخرج للهواء .. 
صلِ .. ادعُ .. 
انغمس بكيانك كله فى شئٍ ما _لا زالت_ تهواه ..
ابحث عن من تطمئن معه وتأنس به ..
أو عن مكان تشعر بالراحة والسكون فيه ..
المهم أن تحاول دائما أن تفعل عكس ما تريده لك نفسك .. وتهمس إليك به .. من بؤس ووحدة وضيق وعزلة وخوف ..
حاول كثيراً .. و لا تقف ..
وإياك ثم إياك أن تستلم ..
وإن استسلمت مرة .. فلا تكررها كل مرة ..!
النجاح ما كان ابداً فى االوصول .. بل فى استمرار المحاولة  .. والنهوض مجدداً كُلّما وقعنا .. 
واطمئن يا رفيقى .. أنت لست وحدك من يمر بكل هذا الصراع .. بل هناك الكثير من البشر يشاركونك فى هذا!
فلا تبتئس .. 
وحاول ..








No comments:

Post a Comment